سجن الغنوشي.. أي تداعيات للقرار على حركة النهضة؟

 

الغنوشي

سجن الغنوشي.. أي تداعيات للقرار على حركة النهضة؟ 



جدد قرار محكمة الاستئناف بتونس بتأييد حكم ابتدائي بسجن زعيم حزب حركة النهضة راشد الغنوشي وصهره وزير الخارجية الأسبق رفيق عبد السلام، ثلاث سنوات في القضية المتعلقة بحصول الحركة على تمويل أجنبي، الجدل في البلاد بشأن مدى تأثير تلك المحاكمات على مستقبل الحركة الإخوانية.

ويقبع الغنوشي في السجن منذ أبريل (نيسان) الماضي بعد تحريك دعوى ضده إثر حديثه عن أن "تونس من دون إسلام سياسي أو يسار أو غيرهما من الأطياف السياسية هي مشروع حرب أهلية"، مما عدته السلطات تحريضاً على الانزلاق نحو الفوضى في البلاد.وكانت المحكمة الابتدائية بتونس قضت في فبراير الماضي بسجن الغنوشي وعبد السلام ثلاث سنوات مع النفاذ العاجل وتغريم حركة النهضة بغرامة تساوي قيمة  التمويل الأجنبي المتحصل عليه وقدرها مليون و 170 ألف دولار أميركي.


وتعود أطوار القضية لآذار/مارس 2022 وتتعلق بحملة الانتخابات التشريعية لسنة 2019، حين أحال قاضي التحقيق ملف "لوبيينغ" حزب النهضة في شخص ممثله القانوني ومن ثبت ضلوعه في إبرام عقد الاستشهار من قيادات الحزب، على المجلس الجناحي المحكمة الابتدائية بتونس بتهمة "الحصول على تمويل أجنبي لحملة انتخابية وقبول تمويل مباشر مجهول المصدر للأول

تعليقا على ذلك، قال المحلل السياسي مراد علالة، إن المحاكمات التي يتعرض لها عدد من قادة النهضة سيكون لها تأثير سلبي كبير على الحزب ومستقبله في المشهد السياسي، مشيرا إلى أن مضمون هذه القضايا التي يواجهونها من "إرهاب وتبييض للأموال وتآمر على الدولة " فيها جانب "قيمي وأخلاقي يمس في العمق مصداقية وشفافية هذا الحزب".


ويرى علالة، في تصريح أنه بقطع النظر عن "وجاهة" الأحكام القضائية الصادرة بحق قادة النهضة فإنها ستضع قواعد الحزب في اختبار حقيقي بشأن مدى التمسك بهذا الحزب من عدمه، لافتا إلى أن ما يمكن استخلاصه من خلال متابعة مسار الحراك الاحتجاجي المعارض للسلطة هو أن قدرة "النهضة" على الحشد والتعبئة تراجعت كثيرا مقارنة بفترة حكمها إبّان سنوات ما بعد الثورة.

وشدد المتحدث على ما اعتبرها مهاما ثقيلة جدا ملقاة على عاتق من تبقى من قيادات حركة النهضة في الحفاظ على استمرارية الحزب، في ظل مغادرة شق كبير من رموزه على خلفية الاختلاف حول المسار والمنهج في "إدارة مرحلة الحكم".ويواجه الغنوشي الذي يقبع في السجن منذ أبريل 2023 العديد من القضايا من بينها ما يرتبط بالإرهاب والتآمر على أمن الدولة، فيما أصدر القضاء التونسي بحقه 3 بطاقات إيداع بالسجن.

وأكد عدد من محامي هيئة الدفاع عن زعيم حركة النهضة في تصريحات سابقة أن بعض القضايا التي يحاكم فيها الغنوشي قد تصل عقوبتها إلى الإعدام.ولا يختلف اثنان في أن اسم الحركة الإسلامية ارتبط في تونس برئيسها راشد الغنوشي وإيقافه ومحاكمته سيؤثران حتماً في مصيرها، وسط مشهد سياسي متحرك ويؤشر إلى متغيرات جذرية، إذ أكد المحلل السياسي التونسي محمد صالح العبيدي، في تصريحات لـ"الاتحاد"، إلى أنه من خلال القضايا المرفوعة ضد حركة «النهضة» وزعيمها راشد الغنوشي أمام القضاء التونسي، فإن حل الحركة هو أقرب السيناريوهات في الفترة المقبلة،

وأضاف أن الاتهامات التي تواجهها الحركة الإخوانية يُمكن أن توصلها إلى الحل النهائي وفق قانون الأحزاب الذي صدر مؤخراً، الذي يُجرم كل ارتباط بالمال الفاسد والتمويلات الخارجية، كما ينص على حل أي مكون سياسي تثبت عليه تهمة الإرهاب.ولفت العبيدي إلى أن إخوان تونس واجهوا هذا المصير في تسعينيات القرن الماضي عندما تورطت الحركة في محاولة اغتيال الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي سنة 1991. 

وتتبنى حركة النهضة بأذرعها الإعلامية والسياسية تتبنى الخطاب الإخواني بكامل مفاهيمه، ولكنها تتبنى الأسلوب المراوغ، وتتهيأ باستمرار للانقضاض على السلطة كما حدث من قبل، وكانت إجراءات الـ25 من يوليو (تموز) 2021 التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد عصفت بأركان "حركة النهضة"، حيث جثمت على الحكم منذ 2011 ورأس زعيمها الغنوشي، البرلمان الذي كان يمثل أساس منظومة الحكم (نظام برلماني) بصلاحيات محدودة لرئيس الجمهورية.

ومنذ تلك اللحظة والحركة تكابد المصاعب الداخلية بتوالي استقالات قياداتها، وسط تمسك راشد الغنوشي بموقعه على رأسها، بالتزامن مع التحديات الخارجية المتعلقة بسياقات المشهد المتحرك في البلاد وانحسار دورها السياسي ومطالبة القوى المناصرة لرئيس الجمهورية بمحاسبة المنظومة السابقة.كما خسرت النهضة وضعها كحركة نافذة في السلطة ومؤسسات الدولية، وهو ما جعل بعض القوى والشخصيات تنأى بنفسها عن الحركة، كما تخلى عنها من كانوا يتقربون إليها من أجل مصالحهم، وفقدت تحالفاتها التقليدية.

وامتدت العزلة الداخلية لحركة النهضة خارجيّا أيضا بعد أن تخلّى عنها الكثير من الداعمين لها سياسيا وإعلاميا. ومن المتوقع أن تتسع دائرة العزلة أكثر على خلفية الوضع الصعب الذي يعيشه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حليف الحركة المعلن.ويعتقد محللون سياسيون أن عزلة النهضة والغنوشي مفهومة، وأن الأمر مرتبط بتطورات إقليمية ودولية أفضت إلى بروز خطاب المصالحات إقليميا والسعي لتجاوز أسباب الخلافات السابقة وعلى رأسها الإسلام السياسي.

وكان عدد من النواب قد قرروا إصدار لائحة سياسية لتصنيفها حركة النهضة إرهابية في خطوة أولى تمهيدا لتصفية الحركة نهائيا، استندت إلى الدستور التونسي وإلى ميثاق الأمم المتحدة وقانون تنظيم الأحزاب السياسية.

وشددت اللائحة على ضرورة محاسبة كل من أجرم في حق الشعب طيلة العشرية الأخيرة، والعمل على استرجاع السيادة الوطنية وهيبة مؤسسات الدولة وحمايتها من الاختراقات التي دأبت عليها حركة النهضة، وذلك تماشيا مع ما تشهده البلاد من تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية واستحقاقات تصب في خانة ضرورة محاسبة من أجرموا في حق البلاد طيلة 11 عاما.


0 Comments