قيادات النهضة متورطة حتماً في اغتيال البراهمي وبلعيد

 

البراهمي

قيادات النهضة متورطة حتماً في اغتيال البراهمي وبلعيد

مع بدء الجلسات القضائية الأولى للترافع بقضية اغتيال القيادي اليساري التونسي شكري بلعيد نهاية الأسبوع الماضي، عاد الملف من جديد إلى قلب الأحداث بتونس، وقد كان إنذاراً خطيراً مع منحنى الاغتيالات السياسية في ظل الاستقطاب المجتمعي والسياسي بين الإسلام السياسي والقوى المعارضة لها. وكان تورط حركة (النهضة) وشبهات ضلوعها في الحادث مسألة تبعث بتعقيدات كثيرة، لا سيّما مع الإشارة إلى وجود جهاز سري عبارة عن ذراع أمنية لها لتنفيذ مثل تلك الحوادث وإرهاب خصومها. 


كما أنّ مسار القضية شهد محطات عديدة، أو بالأحرى وقع أمام معضلات متباينة، أهمها تسييس القضاء وإتلاف أدلة عديدة تخص القضية في فترة حكم (النهضة) التي عرفت بـ "العشرية السوداء". وسبق للقاضية التونسية ورئيسة جمعية القضاة التونسيين السابقة كلثوم كنو أن اتهمت نور الدين البحيري الذي تولى وزارة العدل في حكومة الترويكا بأنّه "أجرى حركة قضائية بمفرده وعلى مقاسه تحت مسمّى المجلس الأعلى للقضاء، واعتمدت حركة (النهضة) سياسة المماطلة حتى لا نؤسس هيئة وقتية للقضاء العدلي". وقالت: إنّ "البحيري وضع أشخاصاً موالين له ولحركة (النهضة) في مواقع سياسية، وآخرين تتعلق بهم شبهات وملفات فساد في مواقع القرار، وأهمها محاكم العاصمة تونس التي تنظر في قضايا البعد السياسي والحقوقي".

وهناك اتهامات عديدة لـ (النهضة) بشأن التستر على ملف الجهاز السرّي لها، والذي على الأرجح يدير ميليشيا تعمل لحساب الحركة الإسلامية، وتنفذ جرائم التصفية بحق المعارضين والخصوم السياسيين، كما جرى مع البراهمي وبلعيد، بحسب إيمان قزارة عضو هيئة الدفاع.

والاتهام ذاته كرره الرئيس التونسي قيس سعيد حينما ألمح إلى وجود أيادٍ خفية تعمل لتعطيل مسار القضاء، مؤكداً "أنّه لن يتدخل في القضاء، لكنّه سيعمل على تغيير تركيبة المجلس الأعلى للقضاء حتى لا تتسلل السياسة إلى أرائك القضاة".

وبحسب الصحيفة، فقد كشف جمور أمام هيئة المحكمة نقاطاً غير معروفة في حياة بلعيد، تفند بعض الشائعات التي طالته، من بينها أنّه كان مدافعاً بقوة عن استقلالية القضاء والمحاماة، وأنّه تطوع للدفاع عن المتهمين في عدة قضايا شائكة، أبرزها انتفاضة الحوض المنجمي التي وقعت عام 2008. كما دافع عن المعتقلين في أحداث سليمان الإرهابية التي وقعت عام 2007، وذلك على الرغم من اختلافه الإيديولوجي العميق مع تلك "الأفكار المتطرفة".

وتابعت: "كما وجهت هيئة الدفاع عن بلعيد التهم مباشرة إلى ممثلي الإسلام السياسي، مرددة ما كان يقوله بلعيد قبل اغتياله بفترة قصيرة، مفاده أنّه "كلما ازدادت عزلة المتطرفين جنحوا للعنف". وقال جمور: إنّ قيادات حركة (النهضة) لم تتدخل لكفّ الاتهامات المباشرة لشكري بلعيد، وأوضح أنّ هذا الأخير تعرض لحملة تكفير في المساجد التونسية في إطار التمهيد لاغتياله، وإيجاد مبررات لذلك لدى التنظيمات المتطرفة، حيث إنّ قيادات (النهضة) كانت على علم بكل التحركات التي حدثت قبل موعد اغتيال بلعيد، وكل التهديدات لم تكن خافية عنها؛ لأنّها كانت تمسك بمقاليد الحكم".

وأكد جمور أنّه أخبر علي العريض الذي كان يشغل وقتها حقيبة وزارة الداخلية بكل التهديدات الموجهة لبلعيد، غير أنّ رده كان مفاجئاً: "هل لديك بطاقات هوية من يهدده؟". وأضاف جمور: إنّ تهديدات تلقاها الضحية بلعيد في ولاية (محافظة الكاف) "شمال غرب" قبل فترة قليلة من اغتياله، لكنّها لم تحظَ بالأهمية الأمنية المطلوبة في مثل هذه الحالات، مثل توفير الحماية الأمنية، وملاحقة الأطراف التي هددته على مرأى ومسمع من جميع الجهات، سواء الرسمية أو الحقوقية.

ولم تقف الاتهامات عند هذا الحد، فقد كشف المحامي جمور أنّ الوزير علي العريض وجّه اتهامات مباشرة إلى بلعيد بالوقوف وراء الاحتجاجات الاجتماعية التي عرفتها (ولاية سليانة) "وسط"، فيما يعرف في تونس بـ "أحداث الرش"، بحسب (الشرق الأوسط)، وقد مثل أمام أنظار المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة في جلسة الترافع الأولى (7) متهمين تم جلبهم من السجن، في حين حضر الجلسة بحال سراح (6) متهمين آخرين، وسجلت الجلسة امتناع (5) متهمين عن حضور الجلسة، من بينهم الإرهابي التونسي أحمد المالكي المعروف باسم "الصومالي"؛ إذ قرروا البقاء في غرفة الحجز داخل المحكمة، وحضور جلسات المرافعة التي سيقودها عدد من المحامين، سواء من ينوب عن المتهمين أو عن عائلة بلعيد.

0 Comments