مع توالي الضربات التي تلقاها "الإخوان" في الشرق الأوسط وبلدان المغرب العربي، وجد التنظيم الإرهابي ضالته في أوروبا، كحاضنة لفكره، ومركز لتمويله، بعد أن ضاقت السبل على أنشطته.ففي النمسا والتي باتت حاضنة للتطرف ونقطة تواصل بين إخوان أوروبا وإخوان الشرق الأوسط تحول البلد الأوروبي إلى مركز جمع الأموال للتنظيم الدولي، لا سيما أن بناء المساجد كان بهدف الحصول على تمويل.
هذه الفكرة انتقلت من النمسا إلى لندن وألمانيا وباقي دول أوروبا، بعد أن اخترق تنظيم الإخوان المجلس الإسلامي في النمسا لنشر التطرف في أوروبا، وتعطيل تعديلات قانون تمويل المنظمات الإسلامية.ذلك التحول جعل من قضية محاربة التطرف تستحوذ على الاهتمام الأكبر في ألمانيا والنمسا طوال العامين الماضيين، عقب رصد الأجهزة الاستخباراتية صعود نفوذ التيارات الإخوانية داخل المؤسسات التعليمية والدينية والمجتمعية، ما تسبب في انتشار الأفكار المتطرفة وجعل أوروبا هدفا للعمليات الإرهابية في السنوات الأخيرة.
ويقول المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، في تقرير له، إن تنظيم الإخوان في ألمانيا لجأ -مع تشديد برلين إجراءاتها القانونية ضد أنشطة الجمعيات والأشخاص المتطرفة هناك- إلى استراتيجية تغيير مسميات الجمعيات التي تقع تحت سيطرته، بهدف نشر التطرف تحت ستار العمل الإنساني والخيري، بالإضافة إلى اتباعه سياسة المراوغة والتضليل داخل المؤسسات الإسلامية، وفي التعامل مع مؤسسات الدولة لإبعاد شبهة العنف عن أنشطته.
وأكد المركز الأوروبي أنه وبكشف ألمانيا عن علاقة الإخوان ببعض الجمعيات ضمن تشكيل المجلس الأعلى للمسلمين تزداد الضغوط على الأخير لتطوير مهامه بما يواكب مستجدات المشهد الراهن، ما يفرض عليه مراجعة أنشطة أعضائه واتخاذ مواقف صارمة تجاه الأعضاء المتواصلين مع الإخوان، نظرا لأن هذه التحركات الإخوانية تضعف من دور المجلس أمام السلطات الألمانية من جانب والجالية المسلمة من جانب آخر.
وأشار إلى أن خطوات المجلس الإسلامي الأخيرة بشأن شطب جمعيات وشخصيات من عضويته تعد مؤشرا لمراجعة سياساته، ما يتطلب منه إعادة النظر في مصادر التمويل وخطاب المساجد خاصة عبر الأئمة الأجانب.وكان المجلس الأعلى للمسلمين أعلن في 31 يناير/كانون الثاني 2022 إنهاء علاقته بأهم أعضائه "التجمع الإسلامي" وطرد المركز الإسلامي في ميونخ واتحاد الطلبة التابع للإخوان، بالإضافة إلى تجريد إبراهيم الزيات المعروف باسم وزير مالية الإخوان في ألمانيا من جميع مناصبه بالاتحاد في 19 سبتمبر/أيلول 2022، مع اتهام هيئة الاستخبارات هذه الجمعيات بالتعاون مع الإخوان.
تلك الإجراءات التي اتخذها المجلس تهدف إلى التأكيد على موقفه المناهض للعنصرية، لضمان استمرار الدعم المقدم من الحكومة والحفاظ على دوره كالصوت الأوحد للجالية المسلمة في ألمانيا، والأقرب إلى صناع القرار في ذلك البلد الأوروبي.وبحسب المركز الأوروبي، فإن المجلس يحتاج إلى التواصل بشكل فعال أكثر مع الجالية لتفادي محاولات الاستقطاب من الإخوان، لا سيما أن اهتمامه انصب على تحسين صورته أمام الرأي العام دون الالتفاف إلى أهمية إزالة العوائق التي تقف أمام دمج المسلمين وجعل الدمج جزءا من مكافحة التطرف بالمجتمع.
يقول المركز الأوروبي إن خطورة الإخوان بالنمسا تكمن في استغلال القوانين التي تسمح بالتعاون بين الدولة والمجتمعات الدينية، ومن ثم الاقتراب من دوائر صناع القرار والمؤسسات الحكومية والإعلامية لإبعاد شبهة العنف عنهم وكسب الثقة وتقديم أنفسهم في صورة الضحية.
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات أكد أن تنظيم الإخوان نجح في 2015 في استقطاب عدد كبير من المسلمين وتمويل مشروعاتهه، خاصة أن تاريخ الانتشار بالنمسا يعود للستينيات على يد يوسف ندى الذي تولى إدارة الأموال المالية، وجعل النمسا "حاضنة للتطرف"، ونقطة تواصل بين إخوان أوروبا وإخوان الشرق الأوسط، بعد أن تحولت إلى مركز جمع الأموال للتنظيم الدولي، لا سيما أن بناء المساجد كان بهدف الحصول على تمويل، بحسب التقرير الأوروبي.
وأشار المركز الأوروبي إلى أن تنظيم الإخوان تمكن من اختراق المجلس الإسلامي في النمسا، عبر منظمات "الشباب النمساوي المسلم" و"جمعية المللي جروس" و"أكاديمية التربية الدينية"، التي استغلت الأهداف الإنسانية المعلنة لعمل المجلس لنشر التطرف وتعطيل تعديلات قانون تمويل المنظمات الإسلامية.
المركز الأوروبي قال إن تنظيم الإخوان "تشعب داخل النمسا، عبر بنائه تواصلا تاريخيا مع مؤسسات الدولة وتكوين علاقة مع إخوان بريطانيا وألمانيا"، مؤكدا ضرورة تطوير أداء المجلس الإسلامي، نظرا لاستغلال الإخوان القوانين لصالح نشر أفكارهم المتطرفة داخل هذه المؤسسات الإسلامية، ما يؤكد أهمية مراجعة "خريطة الإسلام السياسي" وما رصدته من محاولات اختراق للإخوان عبر المساجد والهيئات الإسلامية.
وأكد المركز الأوروبي ضرورة مراقبة تمويل المساجد والجمعيات الإخوانية وتطبيق توصيات المؤتمرات المشتركة مع المؤسسات النمساوية بشكل يحفظ حقوق المسلمين بالقوانين، ويمنع اختراق الإخوان للمؤسسات التعليمية والدينية، لا سيما أن الجمعيات التابعة له تنتشر في أغلب المقاطعات.وشدد على ضرورة تعاون المجلس مع مركز توثيق الإسلام السياسي كخطوة للحد من أنشطة الإخوان، ومن ثم "إنقاذ الجالية المسلمة والمجتمع النمساوي من تداعيات انتشار التطرف".
وأشار إلى أن العلاقة القديمة بين يوسف ندى مؤسس الإخوان بالنمسا، وسعيد رمضان المؤسس بألمانيا وتشابه نشأة الجماعة في الدولتين ببناء علاقات مع السياسيين والابتعاد عن شبهة العنف، يفرض على البلدين التعاون في مكافحة التطرف عقب كشف ألمانيا دور الإخوان في الدولتين في هجمات أوروبا عامي 2020 و2021.
وأجبر هجوم فيينا 2020 النمسا على اتخاذ إجراءات لرقابة عمل المؤسسات الإسلامية وتعميق التعاون معها لتحقيق اندماج المسلمين بالمجتمع وتجنب استقطاب الإخوان لهم عبر صندوق الاندماج النمساوي.ووضع المركز الأوروبي روشتة تتضمن عددا من الإجراءات لمكافحة التغلغل الإخواني في النمسا وألمانيا، وطالب بضرورة اتباعها، وتتمثل في:تشديد الرقابة على سياسات تنظيم الإخوان في تغيير مسميات الجمعيات التابعة له، بهدف الانتشار مجددا تحت نفس الكيانات بمسمى جديد.
0 Comments