«الوطني»: الاقتصادات الكبرى تواصل النمو بشكل يتجاوز التوقعات
ذكر تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني أن الاقتصادات الكبرى واصلت النمو خلال الفترة الأخيرة بشكل تجاوز التوقعات، مما دفع صندوق النقد الدولي إلى رفع توقعاته للنمو العالمي لعام 2025 للمرة الثانية، أما بالنسبة لعام 2026، فباستثناء الصين، يتوقع أن يكون النمو قريبا من مستويات عام 2025، رغم أن التقديرات الأخيرة تشير إلى تراجع طفيف.
وأضاف التقرير أنه بالنظر إلى أن النمو خلال عام 2025، فقد حافظ على متانته رغم حالة عدم اليقين غير المسبوقة والمرتبطة بالتعريفات الجمركية، فمن الممكن أن يسجل النمو مفاجأة إيجابية في العام الحالي مدعومة بزيادة الإنفاق العام وانخفاض أسعار الفائدة.
أما في أوروبا فيتوقع أن يكون نمو عام 2026 قريبا من مستويات عام 2025 مع إبقاء البنك المركزي الأوروبي على أسعار الفائدة دون تغيير، في حين يرجح أن يقوم بنك إنجلترا بخفضها. وفي اليابان، يتوقع أن يبقى النمو دون 1%، بينما يتوقع أن يتباطأ النمو الصيني بشكل ملحوظ في ظل غياب حوافز قوية، لكنه سيبقى فوق 4%.
الاقتصاد الأميركي
وفي الولايات المتحدة، يرجح تقرير البنك الوطني أن يحافظ الاقتصاد الأميركي على مرونته الاستثنائية في عام 2026، مع دعم إضافي من التخفيضات الضريبية واحتمال خفض أسعار الفائدة، رغم ضعف سوق العمل واستمرار التضخم عند مستويات مرتفعة.
وتشير أحدث التقديرات إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.8% في 2026 (في حين يتوقع صندوق النقد الدولي نموا أقوى عند 2.1%)، وهو أقل من مستويات تقارب 3% التي تحققت في 2023-2024، نتيجة تأثير التعريفات الجمركية والقيود على الهجرة.
وأشار تقرير «الوطني» إلى أن أحد العوامل الرئيسية وراء هذه المرونة هو أثر الثروة الناتج عن ارتفاعات قياسية في أسواق الأسهم وأسعار المنازل، مما ساعد في الحفاظ على مستويات إنفاق المستهلكين، إضافة إلى أن طفرة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي تدعم الاستثمار في الأعمال وتعزز النمو.
ومع ذلك، فإن أي تصحيح كبير ومستمر في سوق الأسهم، خاصة إذا ارتبط بمخاوف من فقاعة في قطاع الذكاء الاصطناعي، قد يؤدي إلى دوامة هبوطية، كما أن إلغاء المحكمة العليا للتعريفات المتبادلة سيؤدي إلى انخفاض الإيرادات الجمركية، مما يعيد المخاوف بشأن مسار الدين الفيدرالي، وقد يرفع عوائد سندات الخزانة الأميركية، وهو ما سينعكس سلبا على النمو.
أما الإغلاق الحكومي الأطول في التاريخ والذي انتهى مؤخرا، فقد أدى إلى كبح النشاط الاقتصادي في الربع الرابع من العام الحالي وتسبب في تأجيل أو إلغاء نشر بيانات اقتصادية رئيسية، ومع ذلك، لاتزال مؤشرات سوق العمل تظهر تراجعا في التوظيف مع ضعف الطلب والعرض على العمالة، لكن حالات التسريح لاتزال منخفضة، مع زيادة معتدلة في البطالة بفضل استمرار النشاط الاقتصادي القوي.
منطقة اليورو
وفي منطقة اليورو، أشار تقرير «الوطني» إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي سجل أداء أفضل من المتوقع، إذ بلغ 0.2%، على أساس ربع سنوي، في الربع الثالث، فيما أكدت مؤشرات مديري المشتريات لشهري أكتوبر ونوفمبر على توسع أقوى في الربع الرابع.
واقترب التضخم من المستوى المستهدف عند 2.2% في نوفمبر، ومن المتوقع أن يتراجع أكثر في 2026، بينما لاتزال البطالة عند مستويات منخفضة قياسية تبلغ 6.4%، مما يعكس مرونة سوق العمل رغم ضعف النمو الاقتصادي. وفي المقابل، شهدت مبيعات التجزئة حالة من الركود خلال الأشهر الأخيرة بعد أداء قوي في وقت سابق من العام، مما يعكس حذر المستهلكين.
وبالنسبة للمملكة المتحدة، فقد أشار التقرير إلى أن الاقتصاد البريطاني لا يزال يواجه تحديات هيكلية ناجمة عن ضعف نمو الإنتاجية، وتراجع الاستثمارات، وهشاشة وضع المالية العامة. ورغم أن ميزانية نوفمبر حظيت بترحيب الأسواق بفضل زيادة هامش الإنفاق المتوقع خلال السنوات الخمس المقبلة، إلا أنها لم تعالج هذه العقبات الهيكلية.
في الوقت نفسه، أدى الارتفاع الحاد في مساهمات التأمين الوطني في ميزانية خريف 2024 إلى تراجع التوظيف بمعدل 15 ألف وظيفة شهريا خلال الأشهر الاثني عشر الماضية. ومع رفع الحد الأدنى للأجور الوطنية بنسبة 4.1% في الميزانية الجديدة، فقد يستمر الضغط على سوق العمل.
اقتصادات آسيا الكبرى
وفيما يخص الاقتصاد الياباني، ذكر «الوطني» أنه تراجع بالربع الثالث، إذ انخفض الناتج المحلي الإجمالي 0.4% على أساس ربعي، وهو أول انخفاض منذ الربع الأول من 2024، وبقيت اتجاهات النمو أفضل من المتوقع، كما كان الحال في النصف الأول من العام الحالي. ولا يزال معدل التضخم مرتفعا عند 3%، متجاوزا الهدف المحدد لأكثر من ثلاث سنوات متتالية.
وقد دفع هذا الوضع رئيسة الوزراء تاكايتشي إلى تخصيص جزء كبير من حزمة تحفيزية ضخمة بقيمة 21.3 تريليون ين (135.5 مليار دولار) لتخفيض الأسعار. ومن المتوقع لهذه الحزمة، التي تعد الأكبر منذ جائحة كورونا، أن ترفع الناتج المحلي وتخفض التضخم بمقدار 0.7 نقطة مئوية بين فبراير وأبريل 2026، وفقا لمكتب مجلس الوزراء.
وفي الصين، أشار التقرير إلى أن الاقتصاد استمر في فقدان زخمه مع استمرار التحديات الهيكلية، مما يمهد لعام صعب في 2026. ورغم تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 4.8% على أساس سنوي في الربع الثالث (مقابل 5.2% في الربع الثاني)، فإن البيانات الأخيرة تشير إلى مزيد من التراجع، إذ انخفض نمو الإنتاج الصناعي إلى 4.9% في أكتوبر، وتباطأت مبيعات التجزئة إلى 2.9%، وهو أضعف أداء منذ أكثر من عام.
ولا يزال قطاع الإسكان يشكل عبئا كبيرا، إذ تراجعت أسعار المنازل الجديدة بنسبة 0.5% في أكتوبر، وهو أكبر انخفاض خلال عام. كما ضعفت الاستثمارات بشكل ملحوظ، إذ انكمشت استثمارات الأصول الثابتة بنسبة 1.7% خلال الأشهر العشرة الأولى من 2025، وهو أدنى مستوى منذ 2020.
إضافة إلى ذلك، تبقى الظروف الخارجية هشة، إذ تراجعت الصادرات، والتي تعد محركا رئيسيا للنمو، بشكل غير متوقع في أكتوبر. ويؤكد مؤشر مديري المشتريات لشهر نوفمبر هذا الاتجاه، إذ انخفض المؤشر المركب إلى 49.7، وهو أدنى مستوى منذ أواخر 2022.

0 Comments