سجون ومعتقلات مليشيات الحوثي .. مقابر لأحياء ارتكبوا جريمة ممارسة الحرية

 

سجون الحوثي

لا يكاد يمر أسبوعًا أو شهرًا في اليمن منذ انقلاب مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة إيرانيا على الدولة، إلا ويتناول تحقيقًا أو تقريرًا أو خبرًا للانتهاكات التي تمارسها تلك المليشيات بحق المختطفين والمعتقلين في سجونها، خاصة فيما يخص الناشطين والحقوقيين والنساء.

تقول تلك المواد الحقوقية والاعلامية، أن الحوثيون يمارسون شتى أنواع التعذيب التي عرفتها البشرية، على المختطفين والمخفيين والمعتقلين لديهم في السجون، ونقلت شهادات عن معتقلين تعرضوا للتعذيب، أو كانوا شهودًا على انتهاكات تعرض لها غيرهم.

شبكة سجون سرية

وتنقل الوكالة عن رابطة أمهات المعتقلين توثيقها اعتقال أكثر من 18 ألف شخص في السنوات الأربع الأخيرة، وتعذيب نحو ألف منهم في شبكة سجون سرية وموت بعض من هؤلاء، كما تنقل عن منظمة العفو الدولية أن جميع الأطراف في اليمن ترتكب انتهاكات مريعة لحقوق الإنسان وجرائم حرب. 

وكشفت الوكالة عن فضيحة ارتكبتها مليشيات الحوثي بحق مئات المعتقلين، خاصة النساء في سجونها السرية بالعاصمة صنعاء، وشبهت أساليبهم المختلفة في التعذيب والإذلال، بما كان يحدث في سجن أبو غريب بالعراق إبان فترة الإحتلال الأميركي.

وأوضح تقرير حقوقي، أن ظروف المعتقلين في سجون المليشيات الحوثية مريعة، ومنها حالات اغتصاب كانت تحدث أيضًا من قبل قيادات حوثية لناشطات تحدثن عنها بعد فرارهن من سجون الحوثيين.

وذكر التقرير، أنه كان يُطلب من النساء الرضوخ للاغتصاب، أو الانتحار، واللاتي يرفضن يتعرضن للضرب والاذلال، إضافة إلى تهديدهن بأمن عائلاتهن ومحيطهن الاجتماعي.

الكشف عن 3700 حالة

وكانت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، كشفت عن وجود نحو 3700 حالة اعتقال تعسفي، وتعذيب، وإخفاء قسري ارتكبتها جميع أطراف النزاع المسلح في اليمن. 

وأضافت اللجنة في تقرير لها أعلنته في مؤتمر صحفي، أن جماعة الحوثي تتحمل مسؤولية استخدام 506 مراكز اعتقال غير قانونية، بينما تتحمل الحكومة والوحدات الأمنية التابعة لها مسؤولية ثمانين مركزًا، إضافة إلى ثلاثة مراكز اعتقال غير قانونية تابعة للتحالف العربي.

وفي وقت سابق، قالت منظمة العفو الدولية:" إن جميع أطراف النزاع في اليمن مذنبون، لكن التحالف الذي تقوده السعودية قد يكون مذنبًا بجرائم حرب".

الموت أمنية

وكشف تقرير صادر عن "رابطة أمهات المختطفين" باليمن تحت عنوان "عندما يغدو الموت أمنية"، عن أساليب وطرق التعذيب البشعة التي تعرض لها مختطفون ومعتقلون بسجون الحوثيين.

والرابطة هي جمعية حقوقية اعتبارية تختص بمتابعة شؤون المختطفين، وتَشَكّلت من أمهات وزوجات وقريبات مختطفين ومخفين قسرًا، إلى جانب ناشطات حقوقيات.

ووثّقت الرابطة، بحسب تقريرها المذكور، 950 حالة انتهاك وتعذيب بحق المعتقلين والمختطفين، إضافة إلى 128 حالة قتل في المعتقلات، توزعت بين 71 حالة تعذيب حتى الموت، و 48 حالة تصفية، وإعدام داخل السجون.

وقالت رئيسة الرابطة الأستاذة أمة السلام الحاج : "إن إجمالي عدد المختطفين لدى جماعة الحوثي، والموثقين عندهم بالاسم، ولا يزالون رهن الاختطاف هو 2247، وعدد المخفيين قسرا 192".

وأضافت، أن عدد المخفيين قسرًا لدى التشكيلات العسكرية الأخرى والموثقين عندهم هو 31، ونوهت إلى أن الأعداد أكبر من ذلك، فلا يخلو يوم من بلاغ لاختطاف جديد، أو إخفاء قسري منذ شهور.

شهادات مروعة

واستعرض التقرير شهادات مروعة لقصص تعذيب مختطفين، قالت الرابطة إنها اعتمدت فيها على مقابلات استماع مباشرة مع بعض الضحايا المُفرج عنهم، ورسائل مُسربة كُتبت بخط يد عدد من الضحايا، وشهادات أخرى من أهاليهم.

وتنوعت أساليب التعذيب، بحسب الشهادات الواردة في تقرير الرابطة، بين التعليق والجلد والحرق والصعق بالكهرباء والحقن بالإبر والضرب بأسياخ ساخنة وتقطيع الآذان وبعض أعضاء الجسم والتجويع والحرمان من دورات المياه، في حين تحدث بعض المعتقلين في سجون التحالف، عن اغتصابات وتحرشات جنسية.

وقال الصحفي المنيفي احد المُفرج عنهم من سجون الحوثيين: "كانوا يربطوننا لساعات في وضعيات تسبب آلاما فظيعة، حيث لا نستطيع بعدها الوقوف، فضلًا عن التعذيب النفسي كالتهديد بالتصفية، أو بوضعنا دروعًا بشرية، أو أخذ أولادنا إلى الجبهات".

انتهاكات غير أخلاقية 

من جانبها كشفت منظمة حقوقية أن مليشيات الحوثي، الذراع الإيرانية في اليمن، تمارس انتهاكات غير أخلاقية بحق النساء المعتقلات في سجونها، مؤكدة تعرض النساء المختطفات لدى ميليشيا الحوثي لأشكال مختلفة من عمليات التعذيب الجسدي والنفسي.

وقالت منظمة "سام للحقوق والحريات": "إن النساء المعتقلات في سجون جماعة الحوثي يتعرضن لأساليب غير أخلاقية وتعذيب جسدي ونفسي بشع".

عمليات التعذيب

وأضافت، أن من بين عمليات التعذيب التي تتعرض لها النساء المختطفات حرمانهن من الشمس، ومن دورات المياه إلا مرة أو مرتين في اليوم، والتحقيق الطويل في ساعات متأخرة من الليل.

كما تتعرض المختطفات للصعق الكهربائي، ورش الماء البارد، وقلع الأظافر، بالإضافة إلى التعذيب النفسي المروع، وفقًا للمنظمة. وكان تقرير حقوقي قد كشف عن اختطاف مليشيا الحوثي لأكثر من 1700 امرأة منذ العام 2014م.

توثيق أممي 

خطف، واغتصاب، وتلفيق إتهامات، هي بعض من الانتهاكات التي وثّقها تقرير فريق الخبراء المعني باليمن التابع للجنة مجلس الأمن بحق ميليشيات الحوثي.

فقد استشهد التقرير بتسع حالات قام فيها الحوثيون باختطاف واحتجاز نساء ناشطات سياسياً، أو مهنياً، بسبب معارضتهن لآرائهم الأيدلوجية، أو توجههم السياسي.

وأفاد التقرير، بأن الحوثيين استخدموا مزاعم "الدعارة" ذريعة للحد من تقديم الدعم المجتمعي للمعتقلات السابقات، ومنع مشاركتهن النشطة في المجتمع المحلي، وضمان عدم تهديدهن لنظام الحوثيين.

كذلك أضاف، أن الميليشيات، وتحقيقاً لهذه الغاية، سجلت فيديوهات مخلة بالآداب، واحتفظت بها لمواصلة استخدامها كوسيلة ضغط ضد أي معارضة من هؤلاء النساء.

تلفيق تهم و إبتزاز

وأوضح التقرير أن "هذه التدابير الحوثية ضد النساء لها تأثير رادع لنشاطهن، ويؤثر قمعهن على قدرات القيادة النسوية المشاركة في صنع القرار المتعلق بحل النزاع، ويُشَكّل بالتالي تهديداً للسلام والأمن والاستقرار في اليمن".

كما كشف التقرير، تصوير الحوثيين فيديوهات للمعتقلات بهدف الضغط عليهن مستقبلًا، وردع القيادات النسائية الأخرى، وتخويفهن من الوقوع بنفس المصير.

ودان التقرير الأممي، ما قام به الحوثيون من احتجاز لنساء ناشطات سياسياً، أو مهنياً عارضن آراءهم، وتم تعذيبهن، وتشويههن، والاعتداء عليهن جنسيًا واستخدام مزاعم "الدعارة" للمعتقلات بهدف نزع الدعم المجتمعي.

وحقق في 17 حالة تتعلق بخمسين ضحية من ضحايا انتهاكات القانون الدولي الإنساني أو القانون الدولي لحقوق الإنسان، فيما يتعلق بالاحتجاز، بما في ذلك العنف الجنسي، والتعذيب على أيدي الميليشيات.

يُذكر أن تقارير دولية وشهادات لمتضررات وثّقت قيام الحوثيين باختطاف مئات اليمنيات بتهم كيدية، ثم ممارسة العنف، والاغتصاب، وتصوير الضحايا لأجل ابتزازهن، وبإشراف من عناصر ما تُسمى بـ"الزينبيات".

فيلم وثائقي 

في فيلمها الوثائقي "محتجزات في سجون الحوثي"، الذي عُرض في نادي الصحافيين السويسريين بجنيف، أواخر مارس 2021م، قدمت فيه "برديس السياغي" قصصًا حقيقية لنساء ذُقن مرارة السجون والتعذيب، كاشفة عن حجم الجرائم والانتهاكات الحوثية ضد اليمنيات، وما يتعرضن له من عنف في سجون المليشيا الإرهابية الموالية لإيران.

أما "مايا أميرا "، مديرة مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فقد وصفت أوضاع النساء في ضوء الانتهاكات الحوثية، بأنّها "تجاوزت مأساة الأفغانيات منذ وصول حركة طالبان المتشددة إلى الحكم في أفغانستان".

وتتفنن ذراع طهران في اليمن، في ممارسة شتى الجرائم بحق اليمنيين، وتكنّ عداءً واضحاً ومفضوحاً للمرأة اليمنية، مع رغبة في الانتقام من النساء وتعنيفهنّ، وممارسة كافة أشكال الاضطهاد ضدهن. 

ويُعَدُ ‏اختطاف الناشطات وإذلالهن نمطًا من أنماط الانتهاكات الممنهجة التي يمارسها الحوثيون ضد النساء، منذ إعلان حربهم على اليمنيين في 2014م، إذ مارست المليشيا الانقلابية انتهاكات جسيمة ضد اليمنيات ترقى إلى جرائم حرب، طالت الناشطات اللاتي تعالت أصواتهن بالرفض للانقلاب وممارسات الذراع الإيرانية.

تصاعد الانتهاك ضد النساء

وتصاعدت عمليات اختطاف النساء التي دشنها الحوثيون بعد انقلابهم على الدولة في سبتمبر 2014م، لتبلغ ذروتها منذ آواخر 2017م، ليصل عدد المحتجزات والمختطفات في السجون الحوثية في 2022م، إلى نحو 1800 امرأة، بينهن المئات من الناشطات الحقوقيات والمجتمعيات والإعلاميات والمناوئات للحوثيين أغلبهن في مدينة صنعاء، تمارس بحقهنّ صنوف التعذيب النفسي والجسدي.

وتحوّلت عمليات اختطاف النساء إلى ظاهرة، في المحافظات التي تسيطر عليها المليشيات المدعومة إيرانيًا، بعد أن روّجت لما أسمته "الحرب الناعمة" التي تهدف إلى نشر "الدعارة" في المناطق الخاضعة لسيطرتها عبر النساء، في خطاب لزعيمها عبدالملك الحوثي في مارس 2017، وجه فيه أتباعه بمواجهة هذه الحرب "الإفسادية" حد وصفه.

ولا زالت الناشطة فاطمة العرولي، رئيسة منظمة الموئل للتنمية الحقوقية، ورئيسة مكتب قيادات المرأة العربية باليمن، التابع لجامعة الدول العربية، رهن الإخفاء القسري في معتقلات المليشيات الإرهابية، منذ اختطافها في 3 أغسطس 2022م، من منطقة الحوبان بتعز، وهي في طريقها إلى صنعاء، بسبب انتقاداتها لانتهاكات المليشيا، وجرائمها بحق أطفال تعز والبيضاء، بشكل خاص، والمناطق الخاضعة لسيطرتها عموماً.

وكانت المليشيات المسلحة أصدرت في وقت سابق، حكمًا بالسجن لمدة خمس سنوات. بحق الفنانة انتصار الحمادي، بعد اختطافها في 20 فبراير 2021م، من شارع حدة بصنعاء، وتلفيق تهمًا كيدية ضدها قبل أن تخضعها لمحاكمة وُصفت بأنها غير قانونية.

تكميم الأصوات

وحسب حقوقيين، فإن المليشيات الحوثية تعمد إلى اختطاف الناشطات كسلاح لتكميم الأصوات المعارضة في مناطق سيطرتها، وتقوم بتلفيق التهم لهن لخلق وصمة عار لقمعهن سياسياً، متحدية بذلك الأعراف والعيب الأسود في العرف اليمني الذي يجرم الاعتداء على النساء، أو الإساءة لهن. وذكر تقرير لمركز البحر الأحمر للدراسات السياسية والأمنية نُشر في أغسطس 2022م، أن عدد النساء المعتقلات في سجون مليشيات الحوثي الإرهابية تجاوز 1800 امرأة، تم تسجيل311 حالة إخفاء قسري، وأن 614 معتقلة من الناشطات الحقوقيات والقطاع التربوي والتعليمي، وأنه تم توثيق 96 حالة اغتصاب، وعدد من حالات الانتحار في سجون المليشيا الإجرامية، كاشفا حجم العنف الذي تعرضت له النساء على يد المليشيا الإجرامية، مما أدى إلى مقتل 1691 امرأة وإصابة 3655 أخريات.

وفي يونيو 2022م، كشفت منظمة "سام للحقوق والحريات"، في تقرير لها أن النساء المعتقلات في سجون الذراع الإيرانية يتعرضن لأساليب غير أخلاقية، وتعذيب جسدي ونفسي بشع، منها: حرمانهن من الشمس، ومن دورات المياه إلا مرة أو مرتين في اليوم، والتحقيق الطويل في ساعات متأخرة من الليل، تعرضهن للصعق الكهربائي، ورش الماء البارد، وقلع الأظافر.

ووثق "تحالف نساء من أجل السلام في اليمن" في تقرير له في يونيو 2022م، عدد المعتقلات في السجون الحوثية وصل إلى 1421 معتقلة، منهن 504 معتقلات في السجن المركزي بصنعاء، و291 حالة إخفاء قسري في سجون سرية، إلى جانب 193 حالة تلقين أحكاماً غير قانونية في اتهامات بالجاسوسية وغيرها.

وحسب التقرير، تعرضت المعتقلات لأبشع أساليب التعذيب الجسدي المتنوع ما بين ضرب بالعصي والأسلاك الكهربائية، والصعق، وإيقاف التنفس بالخنق، والإغراق في الماء، والوقوف على علب المعلبات المفتوحة لساعات، والتجويع، والمنع من الأكل والشرب لساعات طويلة، ومنع التعرض للشمس والتهوية، إلى جانب التعذيب النفسي المتمثل في الإهانة، والتعذيب اللفظي، والتحقير، والصفع، والإجبار على الاعتراف بتهم لم يرتكبنها، أو تهم لا أخلاقية بشكل مخل، مع حرمانهن من حقوقهن بزيارة الأهل.

قضاة وسياسيون 

وفي هذا الإطار، تحدثت العديد من التقارير عن وجود عدد من السياسيين اليمنيين في معتقلات الحوثيين أبرزهم المخفي قسرًا "محمد قحطان" الذي ترفض الميلشيات إعطاء أي معلومات حوله منذ اختطافه قبل ثمان سنوات، ولا يمكن معرفة إذا ما كان حيًا او ميتًا.

وقحطان من ضمن القيادات اليمنية الأربعة المشمولين بقرار مجلس الأمن 2216م، الذي يدعو الحوثيين للإفراج عنهم، إلى جانب محمود الصبيحي (وزير الدفاع الأسبق)، وناصر هادي (شقيق الرئيس السابق)، وفيصل رجب (قائد عسكري)، وإلى الآن ترفض المليشيات الحوثية الإفراج عنه، أو الإفصاح عن أي معلومات حول مصيره، وإتخذته ذريعة لوقف استكمال إطلاق بقية الأسرى، وفقًا لتفاهمات مع الأمم المتحدة في سويسرا والاردن.

ووثّق محاميون يمنيون ما نسبته 80 في المائة من المساجين بمختلف مناطق سيطرة الميليشيات، خارج نطاق القانون بينهم قضاة ومحامون وصحفيون وسياسيون، وعسكريون.

ووفق المحامين، فإن التقديرات لديهم تفيد بأن نحو 80 في المائة من السجناء لا يوجد بحق أي منهم أمر باستمرار حبسه إلى ما لا نهاية، وأن كل سجين منهم لم يصدر بحقه قرار من النيابة أو من المحكمة بتمديد فترة حبسه.

وأضافوا، أن كثيراً من السجناء لديهم أوامر خطية من النيابة بالإفراج، إما لانتهاء فترة حبسهم احتياطياً، أو لانتهاء فترة العقوبة المحكوم بها عليهم، لكن مسؤولو السجون لا يِفرجون عنهم.

في سياق الانتهاكات الحوثية، ذكرت مصادر قضائية أن رئيس محكمة تخضع لسلطة الميليشيات أقدم على اعتقال عدد من المحامين المترافعين عن مختطفين ومعتقلين، إلى جانب تهديدهم بمصادرة منازلهم بحجج تعاونهم في تضليل الراي العام بالدفاع عن بعض المعتقلين والمختطفين، في قضايا أمن دولة، حسب وصفهم.

0 Comments