الاقتصاد العالمي على خطى نظرية التطور

الاقتصاد العالمي

يعاني الاقتصاد العالمي من غياب الاستقرار وشيوع الفوضى وذلك بحكم ادارته عبر المنظمات الدولية بناءاً على نظرية التطور القائمة على الصراع من أجل البقاء والبقاء للأصلح (للأقوى)، بعيداً عن التعاون والتضامن والتكافل، مثالان يوضحان آلية الصراع من أجل البقاء والبقاء للأقوى وكيف تم اعتمادها لاحقاً في الاقتصاد العالمي.

ان اطوال أعناق سلف الزرافات متمايزة فبعضها أطول من بعض نسبياً. فلو افترضنا تواجدها في بيئة فيها غذاء لذلك السلف على ارتفاع أنسب لذوات الأعناق الطويلة منه لذوات الأعناق القصيرة، فستحصل عملية انتخاب من الطبيعة للزرافات الأنسب للحياة في تلك البيئة، فتموت الزرافات ذات الرقبة القصيرة جوعاً أو لا تتمكن من التكاثر والتزاوج لقلة الغذاء أو لا تتمكن من تغذية صغارها، وهكذا تقل صغارها وربما تنقرض فتبقى الزرافات ذات الرقبة الطويلة وتنمو وتتكاثر بصورة جيدة، وتورث هذه الصفات الجينية لمواليدها، وتنقى الخرائط الجينية للزرافات من صفة قصر الرقبة جيلاً بعد جيل.

الحيوانات المفترسة، مثلاً الذئاب تتمايز كغيرها من الكائنات الحية في كل شيء، فلو وجدت الذئاب في بيئة، الفرائس فيها سريعة، فان الذئاب قصيرة الاقدام والبطيئة السرعة تهلك جوعاً في هذه البيئة وبالتالي فلن تورث صفاتها لجيل يخلفها، ومع مرور الزمن ستتشكل ذئاب بالانتخاب الطبيعي ذات أقدام طويلة وسريعة في تلك البيئة.

في أعقاب الحرب العالمية الثانية التي انتصر فيها دول الحلفاء على دول المحور، والتي نجم عنها تدهور الوضع الاقتصادي العالمي خصوصاً في صفوف دول المحور وبالخصوص ألمانيا واليابان، ولتلافي الشروع في سيطرة الاتحاد السوفيتي واستقطاب دول التدهور وتوسيع هيمنته عالمياً، لجأت الولايات المتحدة الامريكية إلى البدء في مشروعها وهيمنتها على العالم اقتصادياً وذلك من خلال دعوة 44 دولة لحضور اتفاقية بريتون وودز عام 1944، بهدف وضع اطار للتعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي من شأنه أن يُرسي  اقتصاداً عالمياً أكثر استقراراً وازدهاراً.

ما تمخض عن تلك الاتفاقية ولادة صندوق النقد الدولي، الذي يركز على قضايا الاقتصاد الكلي، والبنك الدولي، الذي يركز على التنمية الاقتصادية طويلة الأجل والحد من الفقر، وان هدفهما المشترك هو رفع مستويات المعيشة في بلدانهما الأعضاء، وتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي وازدهاره أخيرا.

حيث بلغ اعضاء كل منهما 189 بلداً في الوقت الذي بلغ فيه عدد الاعضاء في الامم المتحدة 193 بلد، واذا أخذنا البلدان غير الاعضاء او غير المعترف بها بعين الاعتبار، فإن عدد بلدان العالم لا يتجاوز 210 بلداً، وهذا ما يعني ان المؤسستين تسيطران على 92% من اقتصادات البلدان المكونة للاقتصاد العالمي، وتتحكم بها وفقاً لمصالحها بناءاً على نظرية التطور و"البقاء للأغنى"  ، وهذا سيتم اثباته بالفقرات اللاحقة.

0 Comments