تجربة الكويت في تأهيل المتطرفين ... أمام الاتحاد الأوروبي

 

الكويت


تجربة الكويت في تأهيل المتطرفين ... أمام الاتحاد الأوروبي

فيما شدّد المشاركون في ندوة «أبناؤنا والتطرف... كيف تحمي ابنك من التطرف؟»، على أهمية حماية الشباب من فتنة فكر التكفير والإرهاب والتطرف، شهدت الندوة استعراضاً لجهود الكويت في تأهيل الشباب الذين تورّطوا في اتباع التنظيمات الإرهابية، لاسيما تجربة المناصحة التي اختارتها الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي، لتكون النموذج الخليجي الذي عُرض أمام الاتحاد الأوروبي.


وأكد المتحدثون، في الندوة التي نظّمتها اللجنة العليا لتعزيز الوسطية أمس، على مسرح وزارة الأوقاف في الرقعي، برعاية وزير العدل وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الدكتور محمد الوسمي، أهمية تعاون الأسرة مع الجهات المعنية في توجيه الأبناء ومتابعتهم، وعدم تركهم ليكونوا فريسة للجماعات المتطرفة.



أول المتحدثين في الندوة كان مدير مركز تعزيز الوسطية الدكتور عبدالله الشريكة، الذي قال إنه «منذ عام 2016 وحتى هذه اللحظة، لم تسجل أي حالة التحاق لشاب كويتي بالتنظيمات الإرهابية في العالم، والأرقام تتحدث بأن آخر عملية إرهابية حصلت في الكويت كانت في شهر رمضان عام 2015، ولم يكن منفذ هذه العملية من داخل الكويت أصلاً»، مبيناً أن «الإحصائيات تقول إن موقع تنظيم داعش في الكويت كان يزوره عام 2014 أربعة آلاف زائر من الكويت شهرياً، في حين في عام 2016 أصبح زوار الموقع 40 شخصاً في الشهر فقط».


وأضاف الشريكة أن «الكويت الدولة الوحيدة التي لم تشهد أن يكون هناك شخص محكوم بقضايا إرهابية، عندما تنتهي محكوميته يعود للتطرف والإرهاب، فيما شهدت دول أخرى حالات معاودة، لذلك اختارت الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي التجربة الكويتية في السجون، لتكون هي النموذج الخليجي الذي عرض أمام الاتحاد الأوروبي، ونحن نريد أن نسمع تجارب من كان انتمى لهذا الفكر وسلمه الله منه، ممن استفاد من برنامج المناصحة وهو في السجن».


وتابع «يشارك معنا في الندوة الأخ أبو الوليد، وهو أحد المتراجعين عن هذا الفكر، ممن كان محكوماً، والحمد لله خلصه الله من هذا الفكر، وحسنت توبته وسلوكه إلى حد كبير، وقبل أن يخرج من السجن كنا على متابعة معه، وتابعت الجهات المختصة في وزارة الداخلية مع هذه الحالة وغيرها حالات كثيرة، ولكن هو تشجع ليشارك معنا في الندوة، التي تحمل رسالة موجهة إلى أولياء الأمور، ونطمح أن تصل هذه الرسالة إليهم».



بدوره، قال عضو فريق المناصحة في مركز تعزيز الوسطية الدكتور فراج محمد الرداس، إن «برنامجنا داخل المؤسسات الإصلاحية موجه للجماعات التي تأثرت بالفكر المتطرف، وناقشنا طرق وأساليب الجماعات المتطرفة في السيطرة على الشباب، ومن أهمها غسل الأدمغة التي تتنوع، فمنها غسل الأدمغة الميداني، ومنها الإلكتروني، ومنها الكيميائي»، مبينا الفرق بين التطرف والإرهاب، حيث قال «لابد أن ندرك الشاب في مرحلة التطرف (الفكري)، قبل الدخول في الفعل الجنائي وهو الإرهاب».


وأضاف الرداس «هناك مؤشرات وعلامات يعرف من خلالها أن الشاب قد تأثر بالفكر المتطرف. فالجماعات المتطرفة تعمل دائماً في الظلام، والعمل في المساجد قد يفضحهم، ولكن من الممكن أن يتصيدوا فرائسهم، من المسجد ويذهبوا بهم إلى الظلام ثم يبدأوا عمليات السيطرة عليهم».


وأكد أن «عمليات المناصحة في السجون أجدت نفعاً كبيراً، لأن هؤلاء المتأثرين بالفكر المتطرف فئة ليست لديها علم شرعي، وكثير منهم التزم لمدة شهرين، ثم واجهنا رجال الأمن في ما يعرف بقضية (أسود الجزيرة)، فبعد شهرين من التزامهم قاموا باستحلال الدماء وتكفير رجال الأمن والدولة، وعندهم جهل كبير بالعلوم الشرعية».


وظيفة الأبوين


من جهته، قال الخبير في المكتب العربي لمكافحة التطرف والإرهاب الدكتور صالح السعيد «يجب تلبية الحاجات النفسية للشباب، ومنها عشر حاجات رئيسية نتحدث عنها اليوم في قضية الأمن الفكري، ونبدأ بحاجتهم للاهتمام والرعاية، وننتهي في الحاجة إلى الإبداع، فهل الأسر والأبوان يعطيان الأبناء هذه الحاجات»، مبيناّ أنه «من خلال المحاضر، عندما نحلل بعض الحالات التي جنحت جنوحاً غير سوي، نجد كثيراً من الخلل في هذه الوظيفة».


وأضاف السعيد «أما المفهوم الآخر، فهو مفهوم الحصانة، فعلى كل الآباء والأسر وعلى ولاة الأمر والحكومات ومن يرعى النشء، أن يوفروا قدراً من الحصانة لهؤلاء الأبناء، حتى لا تتسرب لهم القيم الدخيلة ومفاهيم التطرف والإرهاب ولا يكونون في مهب الريح».



من جانبه، شدد نائب رئيس قسم الصحافة في وزارة الداخلية العقيد عثمان المنصوري، على «أهمية قيام الوالدين بدورهما ومتابعة أبنائهما والحرص على توجيههم ومتابعتهم لما يتابعونه عبر مواقع التواصل الاجتماعي»، مركزاً على «أهمية الحرص على الأبناء وعدم إعطائهم الثقة الكاملة حتى لا يرتكبوا أفعالاً مجرمة ثم لا يمكن السيطرة عليها».


وأضاف المنصوري «نتمنى محاربة السلوكيات والأفكار غير السليمة، من خلال تعاون أولياء الأمور، فهذه القضية تتطلب متابعة أكثر. ووزارة الداخلية تحرص على التوجيه والمتابعة والتعاون مع كل الجهات، للحد من انتشار الأفكار السلبية، وهناك صرف غير محدود في دعم التوعية المجتمعية للحد من خطورة هذه الأفكار المنحرفة».


أبوالوليد... أحد المتراجعين عن الفكر المتطرف، بعد تأهيله ومناصحته، شارك في الندوة لعرض تجربته، فتقدم في البداية بالشكر للقائمين في برنامج المناصحة في السجون، «حيث نفعنا الله بهم كثيراً ونفع كثيراً من المساجين (الدواعش)».


وسرد أبوالوليد تجربته مع التنظيم، فقال «الدواعش دائماً يقولون (قال الله، وقال الرسول، وقال أهل العلم)، ولا يستشهدون إلا بالكتاب والسنة، في حين أنهم في الحقيقة أنهم يتبعون ما تشابه من الكتاب والسنة، ويتركون المُحكم».


وأضاف «كانت البداية في الأحداث التي حصلت في العراق وفي سورية ضد المسلمين، فجاء هؤلاء ورفعوا راية الجهاد، واستدلوا بالكتاب والسنة على ذلك، ولكنهم في الحقيقه مفسدون في الأرض، وهذا ينطبق على «داعش» وأخوات داعش، من القاعدة وغيرها من الجماعات المتطرفة، وهم في الحقيقة الخوارج يقتلون أهل الإسلام ويدَعون أهل الأوثان».


وتابع «حينما سجنت حدثت عندي المراجعات الفكرية لآراء هذا التنظيم، واطلعت على منشوراتهم ووجدت عندهم أموراً خطيرة، لا ترضي الله ولا رسوله، ومنها تكفير المسلمين عامة، وهم لا يكادون يرون مسلماً إلا من كان على منهجهم وطريقتهم ويتبعهم في ما هم عليه، ومنها استباحة دماء المسلمين، حيث سفكوا منها الكثير جداً، وكفّروا أهل العلم، والكثير من الأمور الخطيرة عندهم من التنطع والتشدد في الدين، فكانت المراجعة في السجن».وختم بأنه «لا يمكن التصدي لهذا الفكر إلا من خلال إعطاء دور أكبر للمشايخ وأهل العلم لبيان الحق والرد على هذه الفرقة الضالة».


0 Comments