لماذا فشل الإسلام السياسي في تنمية السودان؟

 

السودان

لماذا فشل الإسلام السياسي في تنمية السودان؟

في 30 حزيران (يونيو) من العام 1989 قام عدد من الضباط بانقلاب على الحكومة الديمقراطية المنتخبة في السودان التي ترأسها الصادق المهدي، مرت الحكومة بأزمة اقتصادية وسياسية واكبتها احتجاجات وإضرابات عامة منذ نهاية العام 1988، كانت الحرب الأهلية وفشل الحكومة في الوصول إلى حل فيها قد خلقت شروطاً مسبقة للمغامرة العسكرية والقضاء على التجربة الديمقراطية الوليدة، ليأتي الانقلاب بالرئيس عمر البشير الذي سيحكم السودان طيلة 30 عاماً قبل عزله إثر ثورة شعبية. 

وقع الانقلاب بتخطيط من الجبهة الإسلامية القومية التي يتزعمها الدكتور حسن الترابي، والمحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين في السودان؛ لتبدأ الدولة السودانية في أسلمة المجتمع وتأسيس حكم الشريعة الإسلامية، كما اخترقت البرلمان والحكومة والجيش والمنظمات المحلية والإقليمية ومنظمات رعاية المرأة والشباب، وقد قامت أيضاً بإنشاء منظمات الرعاية الخاصة بهم مثل شباب البناء ورائدات النهضة، وأقاموا الحملات التعليمية لأسلمة المجتمع من خلال الدولة، وفي نفس الوقت قاموا بالسيطرة على مؤسسات إسلامية خيرية من أجل الترويج لأفكارهم والتي أدت لنشر أفكارهم في المجتمع السوداني.

يسعى كتاب "الإسلام السياسي ورأس المال الهارب، السودان نموذجاً" لعالمة الاجتماع السودانية الدكتورة خديجة صفوت إلى تقديم تفسير لنجاح الجبهة القومية الإسلامية في الاستيلاء على الحكم والالتحام بمفاصل الدولة وجهازها البيروقراطي.

يستند التفسير إلى فحص العلاقة بين النظام الاقتصادي الدولي الجديد وبين الإسلام السياسي، حيث ترى صفوت أن النظام الاقتصادي الدولي فرض تحديات جسيمة على الدولة الوطنية الحديثة باتجاهاته السياسية التقليدية؛ فقد شهد الاقتصاد الدولي عدداً من المتغيرات الجديدة أهمها تخطي رؤوس الأموال السريع للحدود وارتكازه على ثورة معلومات غير مسبوقة، وأنّه يتراكم فوق رأس الدولة القومية، في حركة المال وسوق الأسهم والسندات، ولا تملك الدولة سيطرة أو سلطة عليه، ولا تستطيع أن تفرض ضريبة عليه، أو تقيم أمامه الحواجز الجمركية، بالإضافة إلى عولمة رأس المال وتحول المال إلى سلعة تدر أرباحاً هائلة، فبالمقارنة مع الستينيات بلغت جملة الأعمال المصرفية الدولية مجرد 1% من الناتج القومي الإجمالي للاقتصاد العالمي مجتمعاً، فيما بلغت جملة الأعمال المصرفية ما بين 1970-1980 إلى 20% من الناتج القومي الإجمالي للاقتصاد العالمي.

0 Comments