لماذا هيمنت شركات التكنولوجيا الكبرى على الاقتصاد العالمي

التكنولوجيا
أسفرت الثورة التكنولوجية الرقمية عن خلق اقتصادات جديدة، تغيرت فيها أساليب وطرق ممارسة الأعمال. فقد تمكنت شركات التكنولوجيا العملاقة من تصدر المشهد الاقتصادي العالمي من خلال ما حققته من أرباح طائلة وزيادة قيمتها السوقية إلى مستويات أصبحت تتعدى معه ميزانيات بعض الدول.
وهو الأمر الذي أدى إلى العديد من الاختلالات في المشهد الاقتصادي العالمي من هيمنة تلك الشركات أمام تراجع نفوذ الشركات الصناعية الكبرى، وقد وضع ذلك قواعد جديدة للسوق، وغيّر توقعات العملاء. ويتناول التحليل الحالي أهم مؤشرات الهيمنة الاقتصادية لشركات التكنولوجيا العملاقة، هذا إلى جانب محاولة حصر الأسباب التي ساهمت في تصدرها للمشهد، وتداعيات ذلك على الاقتصاد العالمي.
تصاعدت هيمنة شركات التكنولوجيا العملاقة على المحادثات التي تجري في المنتديات الاقتصادية العالمية، ومنها منتدى "سان بطرسبرج الاقتصادي" الذي عُقد في الفترة من 24 مايو إلى 26 مايو 2018، حيث اختار منظمو البرنامج 4 موضوعات أساسية للنقاش، وهي: الاقتصاد العالمي في عصر التغيرات، وروسيا: استخدام إمكانيات النمو، وتكنولوجيات من أجل القيادة، ورأس المال البشري في الاقتصاد الرقمي.
وركز قسم "روسيا: استخدام إمكانيات النمو" على التحديات الرئيسية التي يواجهها الاقتصاد الروسي، وآليات الصعود الروسي إلى المراكز القيادية في مجالي التكنولوجيا والطاقة العالميين، فيما تناول قسم "تكنولوجيات من أجل القيادة" تأثير الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين على الاقتصاد العالمي.
وخلال المنتدى اتفقت شركة الاتصالات الروسية الحكومية (Rostelecom) مع شركة نوكيا العملاقة على إنشاء مشروع مشترك يهدف لإيجاد حلول لتكنولوجيات الاقتصاد الإبداعية، كما وقعت شركة سامسونج مذكرة تفاهم مع بعض سلاسل متاجر التجزئة الكبرى في روسيا بهدف إدخال التكنولوجيا في مجال صناعة التجزئة، كما تم الاتفاق على إنشاء صندوق أسهم روسي خاص مشترك للابتكار والتكنولوجيا لدعم شركات التكنولوجيا الروسية والهندية في الأسواق العالمية بشكل عام، ودول البريكس، والاتحاد الأوراسي، ودول الآسيان.
ولم يختلف الأمر كثيرًا فيما يتعلق بمنتدى دافوس الاقتصادي الذي انعقد في يناير الماضي، حيث استحوذ قطاع التكنولوجيا على نسبة تصل إلى نحو 26% من إجمالي الموضوعات التي تمت مناقشتها في جلسات المنتدى، وهي ثاني أكبر نسبة بعد المناقشات حول الشئون المجتمعية.
وهنا جاء الحديث حول مسئوليات الشركات التكنولوجية العملاقة ليقتطع 7% من إجمالي المناقشات الدائرة في مجال التكنولوجيا. وهو ما يعني أن تغيرًا نوعيًّا قد طرأ على طريقة تناول المنتدى للشركات التكنولوجية، ففي حين كان يتم النظر إلى تلك الشركات على أنها تؤدي دورًا مجتمعيًّا إيجابيًّا ومؤثرًا في حياة الأفراد والمجتمعات.
بدأ المجتمع يدرك أيضًا الجوانب السلبية لهذه الشركات، وهو ما وضعها في موقف الدفاع لتبرير مجموعة من الأمور، مثل: الهيمنة الاقتصادية، والتوسع في عمليات الاستحواذ والممارسات الاحتكارية، ورغبة الدول في فرض الضرائب على هذه الشركات، بالإضافة إلى مناقشة تأثيرها السياسي المتمثل في انتشار ظاهرة الأخبار الكاذبة عبر منصات التواصل الاجتماعي، وكذلك التأثير في نتائج الانتخابات التي جرت في العديد من الدول خلال العامين الماضيين.

0 Comments